انقضى رمضان..ماذا عن دروسه؟!

بإنتهاء أيام العيد، تعود الحياة إلى مساربها التي كانت عليها قبل الأيام الثلاثين تقريباً، التي كوّنت شهر رمضان الضيف الذي أقام بيننا هذا العام يوماً واحداً أقل مما يكون عليه الشهر عادة، رمضان هذا العام كان متميزاً بما عايشناه خلاله، جلَّ هذا الذي عايشناه انقضى بانقضاء الأيام التي كونت هذا الشهر، ولكن بقي البعض، أثراً مما كان في أيام رمضان، أو عيناً مما عايشناه أو عانيناه خلال أيام هذا الشهر، وكما يحدث عادة، يطوي النسيان الكثير مما مرَّ علينا خلال الصيام ويبقى القليل منه، يذهب الأثر.. وتبقى القضايا التي امتدت تداعياتها حتى طالت أيام العيد وما بعد العيد.
ويأتي السؤال: إلى أي مدى تقدر أجهزتنا على رصد قضايا رمضان التي تأتي في الأغلب الأعم متماثلة وحتى متطابقة كل عام بهدف الإعداد والاستعداد لمواجهة هذه القضايا؟ الاستديوهات الفنية ربما كانت أكثر فطنة ووعاء، فهي بحكم طبيعة عملها، تبدأ الإعداد لما هو مطلوب منها لرمضان، ربما بعد عطلة عيد الفطر، حتى إذا ما ثبت رؤية هلاله، كانت مسلسلاتها جاهزة تماماً للعرض الذي يطاول ساعات الليل كلها، ويغتال من كثيرين واجب القيام تعبداً لله، وينجح مسلسل ما في استقطاب الاعجاب ويصبح حديث المجتمع، وتطفو ظاهرة منع التجول الاختياري وقت بث هذا المسلسل أو ذاك.
نتمنى لو تتعلم أجهزتنا الدرس، فتعد العدة لاستقبال رمضان، لكن عبر قدرة على استقراء المحتمل من أزمات وايجاد الحلول والبدائل القادرة على مواجهتها دونما أزمات تترتب عليها خسائر عبر مواقف عصيبة، قد تأتي حلولها ذات كلف عالية أحياناً، هكذا وعلى ضوء غياب هذه القدرة، ها هو رمضان رحل عنّا، وخلف لنا بعده قضية جنون الأسعار التي تصدت له الحكومة، وفرضت حلولاً ربما ساعدت كثيراً في تخفيف حدة الأزمة، وان لم تقتلعها من جذورها، مما يجعلها قابلة للانفجار مرة أخرى حتى بعد أن رحل رمضان، وهذا يستدعي تفكيراً جذرياً جدياً في تطوير الأسلوب أو الأساليب التي تعاملت بها الحكومة مع الأزمة، لتتحول هذه الأساليب من أدوات لحل الأزمة إلى ثوابت تقضي على كل احتمال لعودتها.
هناك أيضاً.. قضايا أخرى علقت في الطريق، فتركها رمضان ومضى، بعد أن ترك لنا حافزاً أو حوافز تدفعنا إلى التزام التفكير المستمر ليس لمواجهتها تحت عناوين الفزعة الآنية المرتبطة بزمن ولكن في اطار صيغ ثابتة مرنة قادرة على التكيف مع مستجدات قد تلجأ اليها الأزمات، حتى تتم محاصرتها، سعياً للانفلات من هذه المحاصرة، ان قضايا السير والاعتلال الصحي والأزمات المرورية، وغير هذه من ظواهر عايشناها خلال الشهر الفضيل الراحل، يجب أن تبقى في الوجدان الباحث عن وسائل تتصدى للمعيقات التي تعيق حركة الحياة العادية على امتداد أيام حياة الناس، فرمضان بحكم طبيعته قادر على تقديم دروس متقدمة يمكن الاستفادة منها إن احسنا قراءتها.